{الفصل الثاني}
58- (10) عن صفوان بن عسال قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فقال له صاحبه: لا تقل نبي، إنه لو سمعك لكان له أربع أعين، فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألاه عن تسع آيات بينات.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
58-قوله: (صفوان) بفتح الصاد وسكون الفاء (ابن عسال) بالمهملة وتشديد الثانية، المرادي الجملى، غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنتي عشرة غزوة، وسكن الكوفة. له عشرون حديثاً، روى عنه ابن مسعود مع جلالته وزر بن حبيش وعبد الله بن سلمة المرادي وغيرهم. (قال يهودي لصاحبه) أي من اليهود (اذهب بنا) الباء للمصاحبة أو التعدية (لا تقل نبي) مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو نبي. وهو مقولة القول كما في قوله تعالى: {يقال له إبراهيم} [21:60] أي هو إبراهيم. (إنه) بكسر الهمزة استئناف، فيه معني التعليل أي لأنه (لو سمعك) أي سمع قولك "إلى هذا النبي" (لكان له أربع أعين) قال التوربشتي: أي يسر بقولك "هذا النبي" سروراً يمد الباصرة فيزداد به نوراً على نور، كذي عينين أصبح يبصر بأربع، فإن الفرح يمد الباصرة، كما أن الهم والحزن يخل بها، ولذا يقال لمن أحاطت به الهموم: أظلمت عليه الدنيا. وبذلك شهد التنزيل: {وابيضت عيناه من الحزن} - انتهى. قال السندهي: هو كناية عن زيادة الفرح وفرط السرور، إذ الفرح يوجب قوة الأعضاء، وتضاعف القوى يشبه تضاعف الأعضاء الحاملة لها. (فسألاه) أي امتحاناً (عن تسع آيات بينات) أي واضحات، والآية العلامة الظاهرة تستعمل في المحسوسات كعلامة الطريق، والمعقولات كالحكم الواضح والمسألة الواضحة، والمراد في الحديث إما المعجزات التسع كما هو المراد في قوله تعالى: {أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات} [27:11] ، وبقية التسع هي العصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنون ونقص من الثمرات. وعلى هذا فالجواب في الحديث متروك، ترك ذكره الراوي استغناءً بما في القرآن أو بغيره، وقوله: ((لا تشركوا..الخ)) كلام مستأنف ذكره عقب الجواب، وإما الأحكام العامة الشاملة للملل كلها كما جوز ذلك في قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} [17:101] الخ. وعلى هذا فالمذكور في الحديث هو الجواب، لكن زيد فيه ذكر "وعليكم خاصة يهود" استئنافاً لزيادة الإفادة، ولذا غير السياق وذهب المظهر والنور التوربشتي من شراح المصابيح إلى أن الآيات المذكورة في قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} هي الأحكام التي تعبّد بها قوم موسى، وهي التي سئل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجاب عنها لا المعجزات، وقالا: إن هذا الحديث من أظهر الدلائل على ذلك، فإنه رواه الترمذي في سننه وقال: وفي رواية فسألاه عن قول الله تعالى: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} فعلم أن الحديث وإن كان في جواب اليهود بين فإنه مشتمل على بيان الآية. وقال ابن كثير في تفسيره: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات ... } الآية، يخبر تعالى أنه بعث موسى بتسع آيات بينات، وهي الدلائل القاطعة